فلسطين..بين أكتوبر 1973 و أكتوبر 2023
د. تركي الفيصل الرشيد / كاتب سعودي
هل هناك أوجه تشابه بين حرب أكتوبر 73 وبين الحرب الحالية في غزة وهل يمكن بالأساس المقارنة بين الحربين؟
الحقيقة نعم، فأوجه التشابه لا تخطئها العين في أن كلتيهما كانت ضرورية وكما أن حرب أكتوبر ساهمت في مزيد من الاستقرار في المنطقة فقد تكون حرب غزة الحالية عاملاً حاسماً في فرص استقرار قادم بالأراضي الفلسطينية رغم قساوة الاحداث الحالية. في كلا الحربين كان هناك إخفاق استخباري إسرائيلي مهول قاد إلى بدء هذه المعركة وإلى أن تكون للقوتين العربيتين – مع الفارق – السبق بالضربة الأولى، والمفاجأة كانت عاملاً حاسماً فيهما ثم بعد الدعم الامريكي للكيان تأتي مرحلة المفاوضات برعاية أمريكية مباشرة أو من وراء ستار وهو ما يجري فعلياً الآن ومنذ فترة بعدما يئست أمريكا من حسم إسرائيل للمعركة وتحقيق أهدافها رغم الدعم الأمريكي المهول ما جعل حربها تتحول إلى عمل عقابي للمدنيين غير أنه ضعيف التأثير عسكرياً وتضيف إلى سجلها الدموي خزياً جديداً، ولعل التضحيات الكبيرة التي قدمها أهل غزة والخسائر الكبيرة للكيان قياساً على كل الحروب السابقة تساهم في التوصل إلى حل ينهي هذه الكارثة الإنسانية على غزة وأهلها، خاصةً بعد أن لفتت غزة أنظار العالم كله إلى عدالة قضيتهم وأزمتهم الدائمة ونالت تعاطف العالم، وأدركت الحكومات الغربية أن تسكين الوضع كالسابق سيفضي حتماً إلى 7 أكتوبر جديدة مستقبلاً ما لم يكن هناك توجه حقيقي نحو إعطاء الفلسطينيين على الأقل بعض حقوقهم في وطن حر آمن، وهنا تكفي الإشارة إلى مدى ما كان يعيشه نتنياهو من عنجهية قبل 7 أكتوبر وظنه أن القضية ماتت ودفنت فكان يعلن على الملأ أن لا شيء اسمه حل الدولتين بل إنه في النصف الأول من هذا العام وافقت حكومته على تصاريح لبناء 13 ألف وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية، وهو أعلى رقم تم تسجيله منذ عام 2012 في إنهاء صريح لأي احتمال لحل الدولتين، لذا نقول إن هذه الحرب على رغم خسائرها كانت ضرورية لإعادة الحسابات مرة أخرى ولتتحرك الولايات المتحدة من مقعد التأييد المطلق والمتفرج إلى تهيئة الظروف لحل الدولتين وخلق طريق للسلام بين طرفين يعلم كل منهما على الأقل في الوقت الحالي أنه غير قادر على أن يفني الآخر.